أنواع التنمر التي قد يواجهها طفلك ”الكلمات قوية؛ يمكنها أن تخلق أو تدمر“، تذكرنا هذه الحكمة القديمة، بالتأثير العميق الذي يمكن أن تحدثه أفعالنا وكلماتنا على الآخرين، وخاصة الأطفال.
في رحلة النمو المعقدة، قد يواجه الأطفال أشكالاً مختلفة من التنمر التي يمكن أن تؤثر بعمق على احترامهم لذاتهم وثقتهم بأنفسهم وشخصيتهم بشكل عام، إن فهم الأنواع المختلفة من التنمر التي قد يواجهها طفلك أمر بالغ الأهمية في تزويده بالأدوات اللازمة للتغلب على هذه التحديات
تماماً كما يعتني البستاني بكل نبتة بعناية، فإن رعاية الأطفال خلال الأوقات الصعبة تتطلب المعرفة والصبر والبيئة الداعمة، تستكشف هذه المقالة الأشكال المختلفة للتنمر، وتقدم رؤى يمكن أن تساعد الآباء والمعلمين على حماية الأطفال وتمكينهم.
ما هو التنمر؟
التنمر هو عبارة عن عرض شخص ما للتنمر من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص، قد يسخر المتنمرون من الآخرين لأمور كثيرة منها:
المظهر (شكل الشخص).
العرق أو الدين.
السلوك (كيف يتصرف الشخص).
الحالة الاجتماعية (ما إذا كان شخص ما مشهورًا)
ما هي آثار التنمر؟
غالباً ما يضايق المتنمرون الأشخاص مراراً وتكراراً، وهذا يمكن أن يجعل الأطفال ينتابهم المشاعر التالية:.
الشعور بالقلق والتوتر و الاكتئاب.
التفكير في إيذاء أنفسهم.
يواجهون المشاكل الدراسية
مشاكل في النوم مع ضعف في الشهية
أنواع التنمر التي قد يواجهها طفلك في 5 نقاط
يمكن أن يأتي التنمر بأنواع مختلفة:
1- التنمر الجسدي: الشكل الأكثر علانية
غالبًا ما يكون التنمر الجسدي هو أكثر أشكال التنمر وضوحًا، وهو ينطوي على أفعال جسدية مؤذية مثل الضرب أو الركل أو الدفع أو غير ذلك من أشكال الأذى الجسدي.
هذا النوع من التنمر مؤذٍ بشكل خاص لأنه لا يسبب ألماً جسدياً فحسب، بل يغرس الخوف والشعور بالضعف لدى الضحية، ووفقًا لدراسة نُشرت، فإن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الجسدي هم أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب والصدمات النفسية طويلة الأمد.
التنمر الجسدي أشبه بالعاصفة التي تترك أضراراً واضحة في أعقابها، قد تلتئم الكدمات والندوب، لكن التأثير العاطفي يمكن أن يستمر لفترة طويلة بعد تلاشي الجروح الجسدية، وغالباً ما يشعر الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الجسدي بالعزلة والعجز، مما يؤدي إلى تراجع الأداء الأكاديمي والتفاعلات الاجتماعية، من الضروري أن تتعرف كل أسرة على علامات التنمر الجسدي في وقت مبكر ويقوموا اتخاذ إجراءات فورية لمنع المزيد من الأذى.
2- التنمر اللفظي: قوة الكلمات
على الرغم من أن التنمر اللفظي أقل وضوحاً من التنمر الجسدي، إلا أنه قد يكون مؤذياً بنفس القدر. يشمل هذا النوع من التنمر التنابز بالألقاب والمضايقات والإهانات والتهديدات اللفظية، يمكن للكلمات، عند استخدامها بشكل خبيث، أن تجرح أعمق من أي سلاح، تاركةً ندوباً عاطفية يصعب شفاؤها، وجدت دراسة أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر اللفظي هم أكثر عرضة للمعاناة من التدني في احترام الذات والقلق والاكتئاب.
يشبه التنمر اللفظي التنقيط المستمر للماء الذي يجعل الحجر يتآكل، مما يؤدي ببطء إلى تآكل ثقة الطفل بنفسه وقيمته الذاتية، على عكس التنمر الجسدي، غالبًا ما تكون الجروح التي يسببها التنمر اللفظي مخفية، مما يجعل من الصعب على البالغين اكتشاف المشكلة ومعالجتها.
من الضروري للوالدين والمربين تعزيز التواصل المفتوح مع الأطفال وتشجيعهم على مشاركة مشاعرهم وتجاربهم، من خلال القيام بذلك، يمكنهم التدخل في وقت مبكر ومساعدة الطفل على بناء القدرة على الصمود ضد الآثار الضارة للتنمر اللفظي.
3- التنمر الاجتماعي: المعتدي الصامت
التنمر الاجتماعي، هو شكل أكثر خبثاً من أشكال التنمر الذي يستهدف علاقات الطفل الاجتماعية وشعوره بالانتماء، ينطوي هذا النوع من التنمر على استبعاد شخص ما من مجموعة ما أو نشر الشائعات أو إحراجه عمداً أمام الآخرين، يمكن أن يكون التنمر الاجتماعي مدمرًا بشكل خاص لأنه يهاجم جوهر الهوية الاجتماعية للطفل، مما يؤدي إلى الشعور بالوحدة والرفض. وقد وجدت دراسة حديثة أن التنمر الاجتماعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة مستويات القلق الاجتماعي والاكتئاب بين المراهقين.
التنمر الاجتماعي يشبه الظل الصامت، يصعب اكتشافه ولكنه حاضر دائماً، ويعزل الضحية تدريجياً عن أقرانه، غالبًا ما يعاني الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الاجتماعي من الشعور بانعدام القيمة وقد ينسحبون من الأنشطة الاجتماعية تمامًا.
من المهم للوالدين والمربين أن يكونوا يقظين في التعرف على العلامات الخفية للتنمر الاجتماعي، مثل التغيرات في السلوك الاجتماعي للطفل أو العزوف المفاجئ عن الذهاب إلى المدرسة، يمكن للتدخل المبكر أن يساعد الطفل على إعادة بناء علاقاته الاجتماعية واستعادة ثقته بنفسه.
4- التنمر الإلكتروني: تهديد العصر الجديد
في عصرنا الرقمي اليوم، برز التنمر الإلكتروني كمصدر قلق كبير للأطفال والمراهقين، ينطوي التنمر الإلكتروني على استخدام التكنولوجيا – مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو الرسائل النصية أو منصات الإنترنت – لمضايقة شخص ما أو تهديده أو إحراجه.
على عكس الأشكال التقليدية للتنمر، يمكن أن يحدث التنمر الإلكتروني في أي وقت وفي أي مكان، مما يجعله تهديداً مرعبًا، ووفقًا لدراسة أجراها مركز أبحاث التنمر الإلكتروني عام 2022، فإن ما يقرب من 60% من المراهقين قد تعرضوا لشكل من أشكال التنمر الإلكتروني، حيث أبلغ العديد منهم عن تعرضهم لضيق عاطفي كبير نتيجة لذلك.
إن التنمر الإلكتروني كالنار في الهشيم، حيث ينتشر بسرعة وبشكل لا يمكن السيطرة عليه، وغالباً ما يترك آثاراً مدمرة في أعقابه، إن إخفاء الهوية الذي يوفره الإنترنت يمكن أن يشجع المتنمرين، مما يجعل هجماتهم أكثر شراسة وقسوة.
قد يشعر ضحايا التنمر عبر الإنترنت بأنهم محاصرون، حيث لا مفر من وابل المضايقات المستمرة عبر الإنترنت، لذلك؛ من الضروري أن يقوم الآباء بمراقبة أنشطة أطفالهم على الإنترنت وتثقيفهم حول ممارسات الإنترنت الآمنة، والبحث لهم عن البدائل أخرى بالإضافة إلى ذلك، يجب على المدارس تنفيذ سياسات وبرامج لمعالجة التنمر الإلكتروني وتقديم الدعم للطلاب المتضررين.
5- ما الذي يمكن للطفل فعله لمنع التنمر؟
هناك العديد من الأشياء التي يمكن لطفلك القيام بها إذا كان قد تعرض للتنمر يمكنه:
1- إخبار شخص بالغ موثوق به، غالباً ما يمكن للبالغين في مواقع السلطة، مثل الوالدين أو المدرسين أو المدربين، التعامل مع التنمر دون أن يعلم المتنمر كيف اكتشفوا الأمر، من الضروري الإبلاغ عن التنمر إذا كان يهدد بالتسبب في خطر جسدي وأذى، فالمطاردة والتهديدات والاعتداءات الجسدية خطيرة للغاية وعندما لا يتم الإبلاغ عنها، فإنها تمنح المتنمر رخصةً ليصبح أكثر عنفاً.
2- تجاهل المتنمر وابتعد عنه، يحب المتنمرون الحصول على رد فعل، إذا ابتعدت عنهم أو تجاهلتهم، فأنت تخبرهم أنك لا تهتم.
3- امشِ شامخاً وارفع رأسك عالياً، إن استخدام هذا النوع من لغة الجسد يرسل رسالة مفادها أنك لست ضعيفاً.
4- لا تتعرّض للأذى الجسدي، من المرجح أن تتعرض للأذى والوقوع في المشاكل إذا حاولت محاربة المتنمرين، قم بالتنفيس عن غضبك بطرق أخرى، مثل ممارسة الرياضة أو كتابته (تأكد من حذف أو تمزيق أي رسائل بريد إلكتروني أو منشورات أو رسائل أو ملاحظات تكتبها وأنت غاضب).
5- تدرب على الثقة، تدرب على طرق الرد على المتنمر لفظياً أو من خلال سلوكك، تدرب على الشعور بالرضا عن نفسك (حتى لو اضطررت إلى التظاهر بذلك في البداية).
6- تحدث عن الأمر، قد يكون من المفيد التحدث إلى مستشار توجيه أو معلم أو صديق – أي شخص يمكنه تقديم الدعم الذي تحتاجه، يمكن أن يكون التحدث متنفسًا جيدًا للمخاوف والإحباطات التي يمكن أن تتراكم عندما تتعرض للتنمر.
7- ابحث عن أصدقائك (الحقيقيين). إذا تعرضت للتنمر بالشائعات أو القيل والقال، أخبر أصدقاءك حتى يتمكنوا من مساعدتك على الشعور بالأمان والطمأنينة، تجنب البقاء وحيداً، خاصةً عندما يكثر التنمر.
8- دافع عن أصدقائك والآخرين الذين تراهم يتعرضون للتنمر، تساعد أفعالك الضحية على الشعور بالدعم وقد توقف التنمر.
الخاتمة
في الختام، إن فهم الأنواع المختلفة من التنمر الذي قد يواجهه طفلك أمر بالغ الأهمية في تزويده بالدعم والأدوات التي يحتاجها لمواجهة هذه التحديات، وسواء كان التنمر جسديًا أو لفظيًا أو اجتماعيًا أو تنمرًا إلكترونيًا، فإن كل شكل من أشكال التنمر يمكن أن يكون له تأثير عميق ودائم على سلامة الطفل العاطفية والنفسية، كآباء ومعلمين ومقدمي رعاية، تقع على عاتقنا مسؤولية تهيئة بيئة آمنة وملائمة حيث يمكن للأطفال أن ينمو ويزدهروا دون خوف من التعرض للتنمر.