ما يجب وما لا يجب فعله لتحفيز الأطفال: هل تساعد المحفزات الخارجية أطفالنا حقاً على تطوير الدافع ودعم إبداعهم على المدى الطويل؟ ألا نريد أن يتعامل الأطفال مع مشكلة ما من أجل المتعة والفخر بالقدرة على معالجتها وحلها، بدلاً من المكافأة الخارجية التي يقدمها لهم شخص آخر؟ لقد وُلدنا جميعًا بهذا الدافع الذاتي. يتم تحفيز الأطفال الرضع على رفع رؤوسهم والتدحرج والزحف والمشي في نهاية المطاف؛ ليس بسبب هدف خارجي، بل بسبب دافع داخلي لديهم! تُظهر الأبحاث أنه من خلال توفير الحافز الخارجي، فإننا نقتل الروح الإبداعية الداخلية لأطفالنا ودوافعهم وثقتهم في المخاطرة.
ما يجب وما لا يجب فعله لتحفيز الأطفال
غالبًا ما نرغب في تحفيز أطفالنا لسعي في تحقيق أحلامهم والعمل نحو أهدافهم، لكن إيجاد التوازن الصحيح بين توجيههم والسماح لهم بتطوير الدافع الذاتي قد يكون أمرًا صعبًا. من خلال الدافع الداخلي ينمو إبداع الأطفال وتتطور الاستقلالية والثقة بالنفس، تستكشف هذه المقالة ما يجب وما لا يجب فعله لتحفيز الأطفال، مع التأكيد على أهمية رعاية الدافع الداخلي لمساعدتهم على تحقيق المرونة والاستقلال وحب التعلم مدى الحياة.
1. لا تعتمد على المكافآت الخارجية
ما يجب وما لا يجب فعله لتحفيز الأطفال. إن أحد الأخطاء الأكثر شيوعاً التي يرتكبها الآباء عند محاولة تحفيز أطفالهم هو الاعتماد بشكل مفرط على المكافآت الخارجية مثل المال أو الألعاب أو الوقت الإضافي الذي يقضونه أمام الشاشات. ورغم أن هذه الحوافز قد تنجح في الأمد القريب، إلا أنها لا تعزز الدافع على المدى الطويل. وفي كتاب “العقاب بالمكافآت” للكاتب ألفي كوهن، يوضح المؤلف: “عندما يُكافأ الأطفال باستمرار على سلوكهم، فإنهم يبدأون في توقع المصادقة الخارجية على كل فعل، بدلاً من تطوير دافع داخلي لتحقيقه”. وبمرور الوقت، قد يفقد الأطفال الاهتمام بالمهمة نفسها ويركزون فقط على المكافأة، وهو ما قد يعيق قدرتهم على إيجاد الرضا الداخلي في إنجازاتهم.
بدلاً من استخدام المكافآت كحافز أساسي، ركز على مساعدة طفلك على فهم القيمة الجوهرية للمهمة التي يقوم بها. على سبيل المثال، بدلاً من الوعد بإهداء لعبة مقابل الحصول على درجات جيدة، شجعه على حب التعلم من خلال الثناء على الجهد المبذول. عندما يفهم الأطفال أن النجاح لا يقتصر على مجرد تلقي مكافأة، فمن المرجح أن يطوروا دافعًا داخليًا للتفوق والتعلم.
2. ركز على الجهد على النتائج
إن التركيز على الجهد وليس النتائج هو أحد أكثر الطرق فعالية لبناء الدافع الداخلي لدى الأطفال. في كتاب “العقلية: علم النفس الجديد للنجاح” للكاتبة كارول دويك، يتم تقديم مفهوم “العقلية النامية”، مع تسليط الضوء على أهمية الجهد والمثابرة. تشرح دويك: “إن الأطفال الذين يتم الثناء على جهدهم وعزيمتهم بدلاً من موهبتهم الطبيعية أو ذكائهم هم أكثر قدرة على تطوير المرونة والحماس للتعلم”.
من خلال الثناء على الجهد المبذول، فإنك تساعد طفلك على فهم أن عملية التعلم وحل المشكلات لا تقل أهمية عن النتيجة النهائية، إن لم تكن أكثر أهمية. على سبيل المثال، إذا عمل طفلك بجد في مشروع مدرسي ولكنه لم يحصل على أعلى الدرجات، فاعترف بعمله الجاد وتفانيه بدلاً من التركيز فقط على الدرجة. هذا يعلمه أن الرحلة قيمة بقدر قيمة الوجهة وأن التفوق يأتي من الجهد المتواصل.
إن الثناء على الجهد بدلاً من النتائج يشجع الأطفال على المخاطرة والمثابرة في مواجهة التحديات دون خوف من الفشل، مما يعزز حب التعلم وعقلية النمو.
3. لا تبالغ في الثناء
في حين أنه من المهم الاعتراف بجهود طفلك، فإن تقديم الثناء المفرط أو الفارغ قد يكون له تأثير معاكس على الدافع. في كتاب “انهيار الأبوة والأمومة” للكاتب ليونارد ساكس، يحذر المؤلف من الإفراط في استخدام الثناء، موضحًا: “الثناء المستمر، وخاصة عندما لا يكون مرتبطًا بإنجاز أو جهد معين، يمكن أن يؤدي إلى شعور زائف بالإنجاز والاستحقاق”. قد يبدأ الأطفال الذين يتلقون الكثير من الثناء على الجهود المتواضعة في الاعتماد على هذا الإثبات بدلاً من تطوير معاييرهم الداخلية للنجاح.
بدلاً من قول “أحسنت” أو “أنت ذكي للغاية” لكل إنجاز صغير، قدم ملاحظات محددة وذات مغزى تسلط الضوء على ما فعله بشكل جيد. على سبيل المثال، إذا أكمل طفلك لغزًا صعبًا، قل، “أنا أحب مدى صبرك وتركيزك أثناء حل هذا اللغز!” يساعد هذا النوع من الثناء المحدد طفلك على فهم السلوكيات والجهود التي تؤدي إلى النجاح، مما يعزز دوافعه الداخلية.
يجب على الأطفال أن يتعلموا أن الجهد الحقيقي يؤدي إلى النجاح، ومن خلال تقديم الثناء بشكل مدروس وانتقائي، فإنك تشجعهم على تقدير عملهم الجاد ومثابرتهم بدلاً من توقع الثناء المستمر على كل عمل.
4. اترك مساحة للأخطاء والفشل
إن الفشل جزء أساسي من عملية التعلم، ومن أهم الأشياء التي يمكنك القيام بها كوالد أن تسمح لطفلك بالمساحة لارتكاب الأخطاء. في كتاب ” هدية الفشل” للكاتبة جيسيكا لاهي، تزعم المؤلفة أن الفشل ليس شيئًا يجب الخوف منه بل يجب التعلم منه. تكتب لاهي: “عندما يحمي الآباء أطفالهم من الفشل أو يتدخلون بسرعة كبيرة لحل مشاكلهم، فإنهم يحرمونهم من فرصة تعلم المرونة والمثابرة”.
من خلال السماح لطفلك بتجربة الفشل، فأنت تعلمه أن الأخطاء ليست النهاية ولكنها أساس النمو والتحسن. عندما يواجه طفلك تحديات، قاوم الرغبة في التدخل على الفور. وبدلاً من ذلك، قدم الدعم والتوجيه، لكن شجعه على إيجاد حلول خاصة به. وهذا يبني الثقة في قدرته على حل المشكلات ويعزز فكرة أن النكسات جزء من عملية التعلم.
على سبيل المثال، إذا كان طفلك يعاني من أداء واجب منزلي صعب، فبدلاً من حله له، اطرح عليه أسئلة توجيهية تساعده في التوصل إلى حلول. هذا يعزز الاستقلال والمرونة والإيمان بقدرته على التغلب على العقبات من خلال الجهد والتصميم.
5. لا تقارن طفلك بالآخرين
إن إحدى أسرع الطرق لتثبيط عزيمة الطفل هي مقارنته بأقرانه أو إخوته أو أطفال آخرين. في كتاب “دراما الطفل الموهوب” للكاتبة أليس ميلر، تناقش المؤلفة كيف يمكن للمقارنات أن تؤدي إلى الشعور بعدم الكفاءة وانخفاض احترام الذات والاستياء. تكتب ميلر: “عندما تتم مقارنة الأطفال بالآخرين، فإنهم يبدأون في قياس قيمتهم الذاتية بناءً على معايير خارجية بدلاً من تطوير شعور قوي بالذات”.
إن مقارنة طفلك بالآخرين لا تقوض ثقته بنفسه فحسب، بل تخلق أيضًا ضغوطًا غير ضرورية لتلبية التوقعات غير الواقعية. كل طفل فريد من نوعه، وله نقاط قوته وتحدياته ووتيرة نموه الخاصة. بدلاً من التركيز على مدى تقدم طفلك مقارنة بالآخرين، احتفل بتقدمه وإنجازاته الفردية.
على سبيل المثال، إذا تفوق أحد الأطفال في الرياضة بينما تفوق طفل آخر أكاديميًا، ركز على مواهبه الفريدة وشجعه على متابعة شغفه. من خلال القيام بذلك، فأنت تعزز فكرة أن النجاح لا يعني أن تكون أفضل من شخص آخر، بل يتعلق بالنمو والتعلم وتحقيق الأهداف الشخصية.
6. تعزيز حب التعلم
إن إحدى أقوى الطرق لتحفيز الأطفال هي تعزيز حب التعلم الحقيقي. لتعزيز حب التعلم، امنح طفلك الفرص لاستكشاف الموضوعات التي تهمه. سواء كانت العلوم أو الفن أو التاريخ أو الرياضة. اسمح له بملاحقة شغفه واكتشاف المتعة التي تأتي من تعلم شيء جديد. بدلاً من التركيز فقط على النجاح الأكاديمي، شجع الفضول والإبداع والرغبة في استكشاف العالم من حوله.
على سبيل المثال، اصطحب طفلك إلى المتاحف أو المكتبات أو مراكز العلوم حيث يمكنه التفاعل مع أفكار وتجارب جديدة. اطرح عليه أسئلة تثير فضوله، وشجعه على طرح أسئلته الخاصة. عندما يرى الأطفال التعلم كعملية مثيرة ومجزية، فمن المرجح أن يظلوا متحفزين في المدرسة وخارجها.
7. لا تستخدم الخوف أو الضغط كحافز
إن استخدام الخوف أو الضغط كحافز قد يخلف آثاراً سلبية طويلة الأمد على تقدير الطفل لذاته وسلامته العقلية. وفي كتاب “تربية الطفل بين الحب والمنط” للمؤلفين تشارلز فاي وفوستر كلاين. يحذر المؤلفان من أن استخدام التكتيكات القائمة على الخوف، مثل التهديدات أو الضغط المفرط لتحقيق النجاح، تؤدي إلى نتائج عكسية. ويكتب المؤلفان: “قد يؤدي الأطفال الذين يحفزهم الخوف أداءً جيداً في الأمد القريب. ولكن بمرور الوقت، يتكون القلق والاستياء والخوف من الفشل الذي يعيق قدرتهم على النمو”.
غالبًا ما يتطور لدى الأطفال الذين يشعرون بالضغط لتلبية توقعات غير واقعية خوف من ارتكاب الأخطاء. مما قد يعيق الإبداع والمجازفة والابتكار. بدلاً من دفع طفلك لتلبية معايير معينة من خلال الخوف أو الضغط. ركز على تشجيع الدافع الداخلي من خلال دعم شغفه واهتماماته ومواهبه الطبيعية.
على سبيل المثال، إذا كان طفلك يعاني من صعوبات أكاديمية. فبدلاً من أن تقول له: “إذا لم تحصل على درجات جيدة، فلن تنجح أبدًا”، حاول إعادة صياغة الأمر بشكل إيجابي. يمكنك قول: “أنا أؤمن بقدرتك على التحسن، وأنا هنا لدعمك”. هذا النهج يعزز الثقة والنمو بدلاً من الخوف من الفشل.
خاتمة
تحدثنا في هذه المقالة عن ما يجب وما لا يجب فعله لتحفيز الأطفال. إن تحفيز الأطفال لا يعني تقديم المكافآت أو الثناء أو الضغط المستمر. بل يتعلق الأمر بتغذية دافعهم الداخلي للنجاح وتشجيع حب التعلم والنمو والمثابرة. ومن خلال التركيز على الجهد بدلاً من النتائج. وتعزيز الاستقلال، وإفساح المجال للأخطاء، فإنك تساعد الأطفال على تطوير المرونة والدافع الذاتي اللازمين للتغلب على تحديات الحياة.
تجنب الوقوع في فخ المبالغة في الثناء، أو مقارنتهم بالآخرين، أو استخدام الخوف كحافز. وبدلاً من ذلك، احرص على تهيئة بيئة آمنة وداعمة حيث يشعر الأطفال بالتشجيع على المخاطرة، وتقبل التحديات، والاحتفال بتقدمهم. ومن خلال تقديم نموذج للسلوك الإيجابي وتشجيع الفضول. فإنك تساعد طفلك على تنمية الدافع الداخلي الذي يحتاجه للنجاح في جميع جوانب الحياة.
قد يعجبك هذا