|

احفظوا بيوتكم من التخبيب.. وصية نبوية لحماية كيان الأسرة

“ليسَ منَّا من خبَّبَ امرأةً علَى زوجِها أو عبدًا علَى سيِّدِه” (رواه مسلم).

يحمل هذا الحديث النبوي الشريف تحذيراً صارخاً من جريمة خفية تهدم البيوت وتشتت الأسر، ألا وهي “التخبيب”- وهي كلمة تحمل في طياتها معاني الشر والفساد والإثم.
فلا بُدّ أن نعي معنى هذه الوصية النبوية الجليلة، وكيفية تطبيقها في زماننا.

ما هو التخبيب؟
لغةً: مصدر من خَبَّبَ، ويعني الإفساد والتحريض وإثارة الفتنة.
أما في الاصطلاح الشرعي:
كل فعل أو قول يُراد به إفساد العلاقة بين الزوجين، أو تحريض المرأة على عصيان زوجها، أو بث الكراهية في قلبها تجاهه، أو تشجيعها على الخروج عن طاعته دون مبرر شرعي.

خطورة التخبيب في الميزان الشرعي:
1. جريمة اجتماعية كبرى:
جعل الرسول ﷺ المُخَبِّبَ خارجاً عن جماعة المسلمين بوصفه (ليس منا)، مما يدل على عظم الجرم.
2. تدمير للبناء الأسري:
الأسرة لبنة المجتمع، والتخبيب يهدم هذه اللبنة.
3. تعدٍّ على حقوق الغير:
فهو اعتداءٌ على حق الزوج في استقرار بيته، وحق الأولاد في أسرة متماسكة.
4. سبب في انتشار الفواحش:
قد يُفضي إلى الطلاق أو الخيانة أو التفكك الأسري.

صور التخبيب بين العصر التقليدي والعصر الحديث:

* قديماً كان تدخل الأقارب ببث الشكوك، وحديثاً يتم من خلال نشر الإشاعات عبر وسائل التواصل.
* ⁠قديماً وجود الجارات المُفسِدات، وحديثاً مجموعات “الدعم” التي تحرض على الطلاق دون سبب.
* ⁠قديماً السحرة والمشعوذين، والذين تطور عملهم بالنصب من خلال صفحات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار صفحات “الاستشارات” التي تحرض النساء على التمرد.

كيف نحفظ بيوتنا من التخبيب؟
1. ترسيخ الثقة بين الزوجين: جعل البيت سداً منيعاً ضد تدخلات الخارج.
2. ضبط التواصل الاجتماعي: الحذر من “الصديقات” المُحرضات عبر الرسائل، وعدم نشر مشكلات الأسرة.
3. تحصين البيت بالأذكار: الإكثار من قراءة القرآن، خاصةً سورة البقرة وآية الكرسي.
4. عزل المشككين: تجنب من عُرِفوا بالإفساد وقطع الطريق عليهم.
5. التوعية المستمرة: تذكير الأهل بحرمة التخبيب وخطره.
6. اللجوء للاستشارات الشرعية: عند المشكلات، يُرجع إلى العلماء الموثوقين لا إلى العابثين.

مسؤولية الجميع:
– المرأة: أن تكون سداً منيعاً ضد المُخَبِّبين، وحصناً لحماية زواجها.
– الرجل: أن يحسن معاشرة زوجته، فلا يدفعها للإصغاء للمُخَبِّبين، ولا يُنصِت كذلك اهم.
– المجتمع: مقاطعة المُخَبِّبين ونبذهم، وإحياء ثقافة “ستر البيوت”، لقوله ﷺ “يا معشرَ من آمنَ بلسانِه ولم يدخلْ الإيمانُ قلبَه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتَّبعوا عوراتِهم ، فإنه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعُ اللهُ عورتَه ، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَه يفضحُه في بيته” (رواه أبو داود وأحمد)، وفي هذا نهي عن البحث عن أخطاء وعيوب المسلمين والتجسس عليهم.

“مثل المُخَبِّبِ كَمَثَلِ مَنْ يُلْقِي حَجَراً في عُشِّ طَيْرٍ، يُهَشِّمُ البيض ويُفَرِّقُ الأفراخ”(مجمع الأمثال للميداني) (ت 518 هـ).

الخاتمة
وصية النبي ﷺ بحفظ البيوت ليست حجراً على الحريات، بل سياجاً لحماية قدسية الأسرة المسلمة.
فالحفاظ على البيوت من التخبيب حماية لدين المجتمع وأخلاقه. لنكن جميعاً حراساً لهذا الصرح الإلهي، ولنعلم أن من يقف على ثغر الأسرة يحمل أمانة سيسأل عنها يوم القيامة. “إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاه: أحفِظ أم ضيَّع حتَّى يسأَلَ الرَّجلَ عن أهلِ بيتِه” (رواه النسائي).

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *