كيف تدمر قصص الحب حياتنا العاطفية
قد يبدو غريبا أن نتساءل عن الغاية الحقيقية من وراء قصة حب
فنحن عموما لا نميل إلى التفكير مليا في الدور الذي يجب أن تلعبه القصص الخيالية في حياتنا
وببساطة نفترض أننا نقرأها من أجل “التسلية” ليس إلا.
لكن هذا يعني أننا لا نتعامل بإستراتيجية مع مورد ثقافي بالغ الأهمية
إذ أن الرواية العاطفية هي بمثابة آلة لمحاكاة التجربة
أو “محاكي للحياة” ومثل نظيرتها في عالم الطيران تتيح لنا الرواية العاطفية
أن نختبر بأمان ما قد يستغرق منا سنوات في الحياة الواقعية
ولكن قد يعرضنا لخطر كبير فنحن بدون مساعدة محددو القدرة على التعاطف والفهم
منعزلون عن الحياة الداخلية للآخرين مقيدون بتجاربنا و يضيق وقتنا
كما أننا لا نستطيع سوى مقابلة جزء صغير من العالم بشكل مباشر
ولكن يأتي الخيال ليمد لنا نطاق رؤيتنا فيأخذنا إلى داخل الوعي الحميم للغرباء
ويتيح لنا أن نكون شهودا على تجارب قد تكون مرعبة أو متهورة في الواقع وباختصار يهبنا الخيال حيوات أكثر مما منح لنا.
كيف تدمر قصص الحب حياتنا العاطفية: الروايات كحكايات تحذيرية
تقدم لنا الروايات العاطفية تحذيرات مبكرة فهي تنبهنا إلى مخاطر قد لا نكون ماهرين في التعرف عليها
منها إلى أين يمكن أن تقودنا الغيرة وما الذي يمكن أن يفعله اللامبالاة بالعلاقة وإلى أي هاوية يمكن أن تدفعنا الشهوة.
كما أنها تتتبع الروابط بين الأخطاء الشخصية التي تبدو بسيطة والكوارث الهائلة التي يمكن أن تسببها
وكل هذا على أمل أن نتمكن من خلال رؤية هذه العثرات من كبح ميولنا الخاصة نحو الكارثة والحماقة.
كيف تدمر قصص الحب حياتنا العاطفية من خلال خرائط التقدم
يوفر الخيال نماذج للتطور وعروضا للانتصار على الصعاب ودراسات حالة في النضج واكتساب الحكمة يتم أخذنا بعناية عبر الطرق التي تعلم بها أشخاص معينون
ربما على مدى سنوات عديدة وبألم كبير كيفية التعامل مع المشكلات التي تشبه إلى حد ما مشاكلنا الخاصة.
الحث
هنالك العديد من الأشياء الجيدة التي ربما لم نعرفها عن قرب ولكننا سنستفيد من تجربتها
وهذا ما يمكن للخيال أن يخلقه لنا يمكن أن يظهر لنا الخيال زوجين توصلا إلى كيفية حل خلافاتهما بلطف وروح دعابة
وأبا يمكنه أن يكون حازما وطيبا في آن واحد وأما لديها رغبة غير مجدية في الكمال ولا يقتصر الأمر على أننا بحاجة إلى معرفة أن هؤلاء الأشخاص موجودون
و لكن الأهم هو أننا من خلال قضاء الوقت معهم نمنح الدروس المؤلمة في الطبيعة البشرية فرصة للتأثير علينا قليلا.
لكن لسوء الحظ هنالك عدد كبير جدا من الروايات العاطفية السيئة ونعني بالسيئة هنا تلك الروايات التي لا تقدم لنا خريطة صحيحة للحب
والتي تتركنا غير مستعدين للتعامل بشكل كاف مع صعوبات الارتباط بشريك ففي لحظات الشدة والألم في العلاقات غالبا ما يتعقد حزننا
بسبب شعورنا بأن الأمور بالنسبة لنا وحدنا أصبحت صعبة بشكل غير عادي وغريب فنحن لا نعاني فحسب بل يبدو أيضا أن معاناتنا ليس لها مثيل في حياة الأشخاص الآخرين الذين يتمتعون إلى حد ما بعقلانية.
إن مواقفنا تجاه حياتنا العاطفية تتشكل إلى حد كبير من خلال تراث الرواية الرومانسية
(والتي لا تقتصر في العصر الحالي على الأدب الروائي بل تمتد لتشمل الأفلام والموسيقى والإعلانات)
لقد قامت الفنون السردية للرواية الرومانسية عن غير قصد ببناء نموذج جهنمي من التوقعات حول كيف يجب أن تكون العلاقات
وفي ضوء هذا النموذج غالبا ما تبدو حياتنا العاطفية الخاصة مؤلمة وغير مرضية على الإطلاق فنحن ننفصل أو نشعر بأننا ملعونون و هذا بشكل كبير يعود لأننا تعرضنا لأعمال أدبية خاطئة.
عندما تدمر قصص الحب حياتنا العاطفية : مقارنة بين الرومانسية والكلاسيكية
إذا كان هذا النوع “الخاطئ” من الروايات يسمى رومانسيا فإن النوع الصحيح الذي يوجد منه عدد قليل جدا يمكن اعتباره كلاسيكيا فيما يلي بعض الاختلافات:
الحبكة
الرواية الرومانسية:
في الرواية الرومانسية النموذجية تدور الدراما بأكملها حول كيفية التقاء شخصين فـ “قصة الحب” ليست كذلك على الإطلاق
إنها مجرد سرد لكيفية بدء الحب يتم وضع كل أنواع العقبات في طريق ولادة الحب
ويكمن التشويق في مشاهدة التغلب التدريجي على هذه العقبات فقد تكون هناك سوء فهم حظ سيئ
تحيز حرب منافس خوف من العلاقة الحميمة أو والأكثر تأثيرا الخجل.
ولكن في النهاية وبعد المحن يلتقي الشخصان المناسبان يبدأ الحب وتنتهي القصة النموذجية
الرواية الكلاسيكية:
هذا النوع الأكثر حكمة والأقل إغراء على الفور يدرك أن المشكلة الحقيقية ليست في العثور على شريك بل في تحمله
وفي أن يتحملك هو على المدى الطويل إنه يعلم أن بداية العلاقة ليست هي النقطة الأهم التي تفترضها الثقافة الرومانسية
إنها مجرد الخطوة الأولى في رحلة أطول وأكثر تناقضا ومع ذلك فهي أكثر بطولية بهدوء وهي الرحلة التي يوجه إليها ذكاءه وتدقيقه.
العمل
الرواية الرومانسية:
قد يكون للشخصيات وظائف ولكنها على العموم لا تؤثر على نفسياتهم فالعمل يمضي في مكان آخر ،ولا يعتبر ما يفعله المرء لكسب لقمة العيش ذا صلة بفهم الحب.
الرواية الكلاسيكية:
هنا نرى أن العمل هو في الواقع جزء كبير من الحياة وله دور طاغ في تشكيل علاقاتنا فبغض النظر عن ميولنا العاطفية
فإن ضغوط العمل هي التي تولد في النهاية نصيبا كبيرا من المشاكل التي سيواجهها العشاق مع بعضهم البعض.
الأطفال
الرواية الرومانسية:
الأطفال هم عرضيون رموز حلوة للحب المتبادل أو مشاغبون بطريقة محببة إنهم نادرا ما يبكون ،ويأخذون القليل من الوقت ويكونون حكيمين بشكل عام ويظهرون ذكاء فطريا غير متعلم.
الرواية الكلاسيكية
في قصة أكثر حكمة نرى أن العلاقات موجهة بشكل أساسي نحو إنجاب الأطفال وتربيتهم
وفي نفس الوقت يضع الأطفال الزوجين تحت ضغوط لا تطاق إنهم يقتلون الشغف الذي جعلهم ممكنين تنتقل الحياة
من السامي إلى اليومي هناك ألعاب في غرفة المعيشة وقطع دجاج تحت الطاولة ولا وقت للكلام الجميع متعب دائما هذا أيضا هو الحب.
الأمور العملية
الرواية الرومانسية:
في هذا النوع لدينا فكرة مبهمة فقط عن من يقوم بالأعمال المنزلية لا ينظر إليها على أنها ذات صلة بالعلاقة الحياة المنزلية هي قوة مفسدة
والأشخاص الذين يهتمون بها كثيرا من المحتمل أن يكونوا غير سعداء في علاقاتهم من غير المرجح أن نتعلم الكثير عن تفكير الزوجين في الواجبات المنزلية أو التلفزيون للأطفال دون سن الرابعة.
الرواية الكلاسيكية:
هنا تفهم العلاقات على أنها مؤسسات وليست مجرد عواطف جزء من منطقها هو تمكين شخصين من العمل
كوحدة اقتصادية مشتركة لتعليم الجيل القادم هذا ليس تافها بأي حال من الأحوال هناك فرص للبطولة الحقيقية خاصة حول الغسيل.
الجنس
الرواية الرومانسية:
يظهر الجنس والحب على أنهما ينتميان إلى بعضهما البعض ذروة الحب هي الجماع الخيانة الزوجية من وجهة النظر الرومانسية قاتلة: إذا كنت مع الشخص المناسب فلن تكون غير مخلص أبدا.
الرواية الكلاسيكية:
تعلم أن الحب طويل الأمد قد لا يهيئ أفضل الظروف المسبقة لممارسة الجنس يرى الموقف الكلاسيكي الحب والجنس كموضوعين متميزين ومتباعدين في بعض الأحيان في الحياة
وبالتالي فإن المشاكل الجنسية لا تشير في حد ذاتها إلى أن العلاقة بشكل عام كارثة .. .
التوافق
الرواية الرومانسية:
تهتم الرواية الرومانسية بالانسجام (أو عدمه) بين أرواح الأبطال إنها تعتقد أن التحدي الأساسي للحياة العاطفية
هو العثور على شخص يفهمنا تماما ولا نحتاج معه أبدا إلى مزيد من الأسرار تعتقد
أن الحب هو العثور على نصفك الآخر توأمك الروحي الحب ليس تدريبا أو تعليما؛
إنها غريزة وشعور وهي و كذلك غامضة في طريقة عملها.
الرواية الكلاسيكية:
تتقبل أنه لا يوجد أحد يفهم أي شخص آخر بشكل كامل وأنه يجب أن تكون هناك أسرار بالإضافة إلى أنه ستكون هناك وحدة
وأنه يجب أن تكون هناك تنازلات إنها تعتقد أن علينا أن نتعلم
كيف نحافظ على علاقات جيدة وأن هناك مهارات يمكن تعلمها وأن الحب ليس مجرد هبة عشوائية من الطبيعة.
إذا الرواية الرومانسية غير مفيدة على الإطلاق لقد تعلمنا أن نحكم على أنفسنا من خلال الآمال والتوقعات التي عززتها وسيلة مضللة
و بناء على معاييرها فإن علاقاتنا الخاصة كلها تقريبا متضررة وغير مرضية و بالتالي لا عجب أن الانفصال أو الطلاق غالبا ما يبدو أمرا لا مفر منه.
لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك فنحن بحاجة فقط إلى تغيير ما نقرأه
وإلى أن نحكي لأنفسنا قصصا أكثر دقة حول مسار العلاقات قصصا تجعل المشاكل تبدو طبيعية وتظهر لنا طريقا ذكيا ومفيدا لتجاوزها.